المنهج الوصفي

شاهد

المنهج الوصفي


أولا: المنهج الوصفي كما يعرفه الباحثون هو:
" المنهج الذى يعتمد على دراسة الظاهرة كما توجد في الواقع، ويهتم بوصفها وصفا دقيقا ويعبّر عنها كيفيا بوصفها وتوضيح خصائصها، وكميا بإعطائها وصفا رقميا من خلال ارقام وجداول توضح مقدار هذه الظاهرة أو حجمها أو درجة ارتباطها مع الظواهر الأخرى".

ثانيا: يعتبر المنهج الوصفي مظلة واسعة ومرنة تتضمن عددا من المناهج والاساليب الفرعية المساعدة مثل المسوح الاجتماعية أو الدراسات الميدانية أو دراسة الحالة وغيرها. ولهذا يكاد المنهج الوصفي يشمل كافة المناهج الاخرى باستثناء المنهجين التاريخي والتجريبي، ذلك لأن عملية الوصف والتحليل للظواهر تكاد تكون مسألة مشتركة وموجودة في كافة انواع البحوث العلمية.

ثالثا: يشيع استخدام هذا المنهج في الدراسات التي تصف وتفسر الوضع الراهن أو ما هو كائن في أرض الواقع للظاهرة، وكذلك في الدراسات التي تهتم بتكوين الفرضيات واختبارها. كما يعد هذا النوع من البحوث ذو أهمية خاصة في مجال الدراسات الإنسانية، لاسيما أنه يستخدم للكشف عن آراء الناس ومعتقداتهم واتجاهاتهم إزاء موقف معين، كما يستخدم أيضاً للوقوف على قضية محددة تتعلق بجماعة أو فئة معينة.

رابعا: لا يقف المنهج الوصفي عند مجرد جمع بيانات وصفية حول الظاهرة وإنما يتعدى ذلك إلى محاولة التشخيص والتحليل والربط والتفسير لهذه البيانات وتصنيفها وقياسها وبيان نوعية العلاقة بين متغيراتها واسبابها واتجاهاتها واستخلاص النتائج منها وما الى ذلك من جوانب تدور حول سبر اغوار مشكلة او ظاهرة معينة والتعرف على حقيقتها في ارض الواقع، ثم الوصول إلى تعميمات بشأن الموقف أو الظاهرة موضوع الدراسة.

خامسا: بالرغم من أن الهدف الرئيس للمنهج الوصفي هو فهم الحاضر لتوجيه المستقبل، فإنه يشمل في كثير من الأحيان على عمليات تنبؤ لمستقبل الظواهر و الأحداث التي يدرسها. من خلال تقديم صورة عن معدل التغير السابق في ظاهرة ما بما يسمح للإنسان من التخطيط العام لبعض جوانب المستقبل. لكن قدرة الدراسات الوصفية على التنبؤ بصفة عامة تبقى محدودة وذلك لصعوبة الظاهرة الاجتماعية وتعقدها وتعرضها لعوامل متعددة تؤثر على سرعة تطورها أو تغيرها


سادسا: لا تقف البحوث الوصفية – كما أشرنا- في كثير من الحالات عند حد الوصف أو التشخيص الوصفي، ولكنها تهتم أيضاً بتقرير ما ينبغي أن تكون عليه الأشياء والظواهر التي يتناولها البحث وذلك في ضوء قيم أو معايير معينة واقتراح الخطوات أو الأساليب التي يمكن أن تتبع للوصول بها إلى الصورة التي ينبغي أن تكون عليه في ضوء هذه المعايير أو القيم. وهذه البحوث تسمى بالبحوث الوصفية المعيارية أو التقويمية Normative or Evaluative Research.

سابعا: تستخدم البحوث الوصفية بأنواعها المختلفة لجمع البيانات والمعلومات أساليب ووسائل متعددة: مثل الملاحظة، والمقابلة، والاختبارات، والاستفتاءات، والمقاييس المتدرجة، وغيرها.

ثامنا: القاعدة الأساس هي أن الباحثين لا يقدمون في الدراسات الوصفية مجرد اعتقادات خاصة، أو بيانات مستمدة من ملاحظات عرضية أو سطحية، كما أنهم ليسوا مجرد مبوبين أو مجدولين، ولكنهم يجمعون الأدلة على أساس فرض أو نظرية ما، ثم يقومون بتبويب البيانات وتلخيصها بعناية، ثم يحللونها بعمق، في محاولة لاستخلاص تعميمات ذات مغزى تؤدي إلى تقدم المعرفة.

تاسعا: الخطوات التي يقوم الباحثون في المنهج الوصفي:
(1) الشعور بالمشكلة، وجمع بيانات تساعد على تحديدها، والتأكد من وجودها الحقيقي.

(2) تحديد ملامح وخصائص الظاهرة أو المشكلة والتعرف على الجوانب غير الواضحة منها لدراستها.

(3) وضع التساؤلات أو الفرضيات الخاصة بموضوع الدراسة.

(4) تحديد متغيرات المشكلة وطبيعة العلاقات بين هذه المتغيرات.

(5) تحديد نوع وطبيعة المعلومات المطلوبة.

(6) تحديد مجتمع الدراسة واختيار العينة التي ستجرى عليها الدراسة مع توضيح حجم هذه العينة وأسلوب اختيارها.

(7) اختيار أساليب جمع البيانات أو إعدادها.

(8) وضع قواعد لتصنيف البيانات تتسم بعدم الغموض، وملاءمة الغرض من الدراسة، والقدرة على إبراز أوجه التشابه أو الاختلاف أو العلاقات ذات المغزى.

(9) تقنين أساليب جمع البيانات.

(10) القيام بملاحظات موضوعية منتقاة بطريقة منظمة ومميزة بشكل دقيق.

(11) وصف النتائج وتحليلها وتفسيرها في عبارات واضحة محددة.

عاشرا: لا يوجد اتفاق بين الكتاب حول كيفية تصنيف الدراسات الوصفية، وبالرغم من عدم اتفاق الباحثين على أشكال ونماذج محددة للدراسات الوصفية، إلا أنه يمكن تحديد بعض الأنماط التالية للدراسات الوصفية على النحو التالي:
(1) الدراسات المسحية ويدخل تحتها: المسح الاجتماعي والمسح المدرسي، ودراسات الرأي العام وتحليل العمل وتحليل المضمون.

(2) دراسات العلاقات المتبادلة: ويدخل تحتها دراسة الحالة، والدراسات السببية المقارنة والدراسات الارتباطية.

(3) الدراسات التبعية: وتشمل دراسات النمو ودراسة الاتجاهات التبعية.

حادي عشر: أضاف الباحثون عدة ملامح أخرى للمنهج الوصفي يمكن إجمالها فيما يلى:
(1) أنه يجيب عن الأسئلة (من وماذا وأين ومتى وكيف ).

(2) أنه يعرف أيضا بالبحث الإحصائي على أساس أن الفكرة الكامنة وراءه هي دراسة الترددات، والمتوسطات وغيرها من الحسابات الإحصائية، وتوفر الإحصاءات الوصفية عرض البيانات على شكل رسوم بيانية، وهى الأسلوب الشائع المستخدم من قبل الباحثين لتنظيم وتلخيص البيانات الرقمية التي يتم جمعها من السكان والعينات.

(3) أن البحث الوصفي يهدف لجمع البيانات دون زيادة أو نقصان، ودون أي تلاعب بسياق البحث، بمعنى أن عامل التحكم والتلاعب في سياق هذه البحوث منخفض وغير تدخلي ويتناول الأحداث كما هي في صورتها الطبيعية.

(4) أن التعبير عن النتائج في البحوث الوصفية يختلف حسب طبيعة المشكلة فيمكن عرض النتائج بأي من الطريقتين الكمية أو الكيفية، أو من كليهما معا.

(5) تتنوع الدراسات الوصفية من حيث مستوى تعمقها, من جمع المعلومات والإحصاء البسيط أو الوصف البسيط للظاهرة إلى تنظيم العلاقات بين هذه المعلومات ودراسة تأثير عامل معين أو أكثر على النتائج.

(6) أن البحث الوصفي هو الأسلوب الأكثر استخداما والأكثر ملائمة في دراسة الظواهر الإنسانية والاجتماعية حيث يصعب إخضاع بعض الظواهر للتجريب والمختبر فتبقى الدراسات الوصفية هي الأسلوب الوحيد لدراسة ظواهر عديدة.

(7) يرى بعض الباحثين أن الدراسات الوصفية هي أعمال علمية وليست أبحاثا بمعنى الكلمة لأنها تقدم وصفا وتفسيرا لواقع ما معين ولكنها لا تتعمق للكشف عن الطريقة التي تؤثر بها العوامل المختلفة على ظاهرة ما أو الكشف عن مقدار تأثير كل عامل على هذه الظاهرة كما يحدث عادة في البحوث التجريبية.

(8) من الأسس المنهجية التي تستند إليها البحوث الوصفية والتي يجب على الباحث مراعاتها: التجريد والتعميم. ويعنى التجريد "عملية عزل وانتقاء مظاهر معينة من كل عام ممثلا في ظاهرة معينة ". والغرض من هذا العزل هو تمييز خصائص وسمات الظاهرة المدروسة، بسبب التداخل والتعقيد الذى تتسم به الظواهر الاجتماعية. أما التعميم فهو عملية اِستخلاص أحكام تصدق على مختلف الفئات المكونة للظاهرة محل الدراسة على أساس معيار مميز. والمشكلة هنا هي أن الدراسات الوصفية تناقش غالبا ظواهر محددة بزمان معين ومكان معين، ولهذا يكون من الصعب تعميم نتائجها لأن هذه الظواهر تتغير من زمان إلى أخر ومن مكان إلى أخر.

(9) يبالغ بعض الباحثين في التقليل من أهمية الدراسات الوصفية وذلك استنادا إلى الأسس التالية:
أ‌- الخشية من اعتماد الباحث على معلومات خاطئة نتيجة لأخطاء مقصودة أو غير مقصودة في مصادر المعلومات سواء أكانت مصادر بشرية أو مادية كالسجلات والآثار والوثائق. على أن هذا النقد يمكن أن يتضاءل كثيرا إذا اهتم الباحث بفحص وثائقه فحصا دقيقا قبل أن يعتمدها.

ب‌- احتمالات تحيز الباحث في جمع البيانات وميله إلى مصادر معينة تزوده بما يريد ويرغب وليس بما هو حقيقي، وذلك لأن الباحث يتعامل مع ظواهر اجتماعية وإنسانية غالبا ما يكون طرفا فيها، وهذا النقد يتضاءل أيضا بوعي الباحث وموضوعيته.

ت‌- أن جمع المعلومات في الدراسات الوصفية غالبا ما يتم عن طريق عدد من الأفراد الذين يساعدون الباحث في هذه العملية، وتتأثر عملية جمع المعلومات بتعدد الأشخاص الذين يجمعونها وبأساليبهم المختلفة في الحصول عليها مما يجعلها عرضة للنقد وعدم الدقة، وهذا النقد يتضاءل أيضا إذا استطاع الباحث أن يدرب مساعديه على طريقة جمع المعلومات ويقنن أساليبهم في البحث.

ث‌- أن إثبات الفروض في الدراسات الوصفية عملية صعبة وذلك لأنها تتم عن طريق الملاحظة وجمع المعلومات المؤيدة والمعارضة للفروض دون أن تتاح الفرصة لاستخدام التجربة في إثبات هذه الفروض، فإثبات الفروض في الدراسات الوصفية عن طريق الملاحظة يقلل من قدرة الباحث على اتخاذ القرار، فالباحث قد لا يستطيع ملاحظة كل العوامل أو يغفل بعضها أو لا يستطيع التوصل على إثباتات كافية أو شواهد كافية مما يعيقه عن إثبات فروضه أو نفيها.