نظرية الفصل بين السلطات لمونتيسكيو

شاهد

نظرية الفصل بين السلطات لمونتيسكيو





 يعتبر مونتسكيو منظر نظام الفصل بين السلطات معتبراً ذلك الأساس لضمان الحريات الديمقراطية،


أفكار مونتسكيو بخصوص وظائف السلطات والفصل بينهما

 

يرى مونتيسكيو أن لكل دولة ثلاثة أنواع من السلطة : وهي السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ،فالسلطتين التشريعية والتنفيذية تعملان على تحقيق الحماية لحقوق وحريات الأفراد و تحقيق سيادة الشرعية في الدولة . كما ان السلطة القضائية هي التي تتولى تنفيذ القانون وتفصل في الخصومات بين الأفراد . وتركيز هذه السلطات لديه في يد شخص واحد من شأنه ان يؤدي إلى الاستبداد والديكتاتورية، لدلك لابد من توزيع سلطات الدولة الثلاث  على هيئات منفصلة،لكي تراقب كل سلطة سلطة أخرى.  
إن هذه النظرية عند مونتيسكيو تشكل تقنية إضافية للإصلاح الداخلي للسلطة، والتي تقضي على وحدتها وتضعفها، وتحول دون قيامها ضد الحريات ، ويكون قوامها التوازن ، حيث يتم إيقاف السلطة بالسلطة ويجب ان يكون هنالك انفصال بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وكذلك الانفصال بين الهيئات الوسيطة واللامركزية وبذلك يتم منع الحكم من الوقوع في الاستبداد، وقد أعطى مونتيسكيو عدة تبريرات حول هذه النظرية أهمها كون السيادة ملك للأمة، وهي لا تستطيع ممارستها بنفسها إلا في حالة الديمقراطية المباشرة، وعلى الأمة أن تختار ممثليها، وفي هذه الحالة إذا فإن الجهاز الذي يضم ممثلي الأمة يمتلك السلطة، فإنه يمكن أن يغتصب السيادة وبالتالي فإن الفصل يسمح بتوزيع ممارسة السيادة بين عدة هيئات لا يمكن لأي منها أن تدعي بتمثيل الأمة آملا. والتبرير الثاني هو أن الفصل بين السلطات لازل بعضها عن البعض لأن هذا في نظره سيِؤدي إلى مشكل في حالة النزاعات والصراعات ، لأن السلطة الوحيدة لا يمكن أن تتصرف دون مساهمة سلطة أخرى ، أي يجب على السلطات أن تتعاون عن طريق السير العادي للأمور ولا يمكن لأي سلطة أن تتصرف دون موافقة الأخرى ، إذ يجب ان يكون بينها فصلا شديدا ولكن على ان يتم التنسيق بينها بما يساعد على مشاركتها في الحكم والسيادة بشكل متوازن ومتفاعل.  وقد  تأثر مونتيسكيو بالمؤسسات البريطانية، لأنها حققت هذا التوازن بين الأشكال الثلاثة للحكم، والذي يعتبر الأعلى في ميدان التنظيم السياسي، فالقوانين هي نتيجة تلاقي ثلاث إرادات: إرادة الشعب في غرفة النواب، وإرادة الأرستقراطية، وإرادة الملك. وبالتالي فإن حقوق ومصالح الأطراف مضمونة، لأنه لا يمكن لأية قوة اجتماعية أن تفرض إرادتها على القوى الأخرى ولكن مونتسكيو لا يكتفي عند هذا الحد، فاعتدال السلطة تضمن بواسطة فصلها إلى ثلاثة أجزاء، السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، وسلطة الحكم.
إن أهم التنظيمات التي أخذت بنظرية مونتيسكيو بشكل رسمي هو النظام الأمريكي فقد تحفظ الدستور الأمريكي من السلطات الثلاثة التنفيذية، التشريعية، القضائية، إن تشكيل الجهاز في هذا النظام يتم بصفة مستقلة عن الجهاز الأخر والسلطة التنفيذية ليست منبثقة عن البرلمان سواء في ما يتعلق باختيار الرئيس أو الوزراء الذين يتولى الرئيس اختيارهم ويكونون مسئولون أمامه، ودور البرلمان يكمن في إصدار القوانين ولا يشارك في تنفيذها، أما الحكومة فإنها تقوم بتنفيذ القوانين دون المشاورة في صياغتها، آما القضاء فإنه يختص بتحقيق العدالة دون تدخل في وظائف الأجهزة الأخرى . في هذا النظام لا يملك أي جهاز وسائل التأثير على الجهاز الآخر، فالرئيس لا يمكنه حل البرلمان، كما أن هذا الأخير لا يمكنه إسقاط الحكومة، لكن هذا الفصل لا يلغي فكرة التعاون بين السلطات، ففي النظام الرئاسي ينبغي إعطاء مكانة للتعاون.       
    يتميز النظام الرئاسي الأمريكي بوحدانية السلطة التنفيذية، فالرئيس يجمع صفة رئيس الدولة ورئيس الحكومة في آن واحد، فهو الذي يقوم باختيار مساعديه وهم مسئولون أمامه، ولا تثار في هذا النظام مسئولية الحكومة أمام البرلمان، و يمارس السلطة التشريعية الكونغرس الأمريكي، ونظرا للطابع الفيدرالي للولايات المتحدة، فإن الكونغرس يتكون من مجلسي النواب والشيوخ ، أما السلطة القضائية فتمارسها المحكمة العليا وتلعب دورا هاما وسياسيا، وتحتل مرتبة أعلى في سلم الهيئات الدستورية وذلك بفضل الرقابة الدستورية على القوانين، حيث استطاعت أن تجعل السلطات التشريعية والتنفيذية خاضعة لها، وجعلت من نفسها السلطة المهيمنة في النظام الرئاسي الأمريكي.
عموما إن نظرية الفصل بين السلطات لمونتيسكيو هي فعلا أساس لضمان الحريات والديمقراطية ،لأن الديمقراطية في نظره  تحكم على أساس الفضيلة السياسية وتعني حب الدولة وحب المساواة، وفي ظل النظام الديمقراطي فإن المواطنين يختارون وفقاً لمبدأ المساواة وإمكانياتهم وقدراتهم، والسلطة التشريعية يجب أن تكون بين الأفراد كما أن التصويت يجب أن يكون عاما.