شرح القانون المالي

شاهد

شرح القانون المالي


المقدمة:

إن مشروع قانون المالية للدولة يعتمد على الميزانية العامة للدولة التي تعتبر عمل تشريعي كباقي القوانين الصادرة عن البرلمان طبقا لأحكام الدستور و وفقا للنظام الداخلي لمجلس البرلمان، فهي قانون من الناحية الشكلية و الموضوعية، كما أنها عمل إداري لأنها مجرد تنضمينات للنفقات و الإيرادات المستقبلية إذ لا تحتوي على قواعد عامة و مجردة، و ما هي موافقة البرلمان إلا لإعطاء الموظف المالي صلاحية ممارسة عمله إذا فالميزانية المالية هي عمل مختلط (قانوني وإداري) حيث أن أحكام الإيرادات العامة (خاصة الضرائب) هي عمل قانوني تشريعي أما ما يتعلق منها بالنفقات فهو عمل إداري.  
الفصل الأول : ماهية قانون المالية
    المبحث الأول : تعريف قانون المالية.
لقانون المالية عدة تعريفات يمكن القول أنها بأجملها مهمة إلا أننا إختصرنا منها الأكثر وضوحا:
التعريف الأول:
قانون المالية هو القانون الذي يحدد طبيعة و كمية المباغ المخصصة لموارد و أعباء الدولة مع الأخذ بعين الاعتبار التوازن الاقتصادي و المالي.
التعريف الثاني:
قانون المالية هو عملية تقديرية لأنه يتضمن جداول حسابية و مقارنة بين الايرادات المتوقعة و الأعباء التي ستنفذ و طابعه التقديري هذا يضفي عليه الأوجه التالية:
1-     عمليات حسابية لجميع الموارد للسنة الجارية
2-     يعرض كعملية تحليلية لهذه الأعباء و الإيرادات المفصلة وفقا قانون الميزانية المتخصصة
3-     عملية مقارنة ختامية تخلص إلى توازن نهائي بشكل مبدئي بين الإيرادات و الأعباء
التعريف الثالث:
قانون المالية هو عملية ترخيص قانونية بتطبيق ما جاء في الميزانية و هذا يعني إعداد الحكومة لمشروع المالية تحت إشراف و إدارة وزير المالية.
المبحث الثاني : مبادئ قانون المالية.
تخضع الميزانية العامة لمجموعة من القواعد و المبادئ العامة من شأنها تدعيم الرقابة في تسيير الأموال العمومية وتتمثل في المبادئ الأساسية التالية:
أولا: مبدأ السنوية
-        تعني الحياة المالية للدولة أي مدة سنة و هي تمكن البرلمان من مراقبة الحكومة في إطار إحترام قاعدة السنوية حيث تنص المادة 3 من القانون رقم 84-17 المتعلق بقانون المالية على مايلي:
 " يقر ويرخص قانون المالية للسنة بالنسبة لكل سنة مدنية مجمل موارد الدولة و أعباءها و كذا الوسائل المالية الأحرى المخصصة للتجهيزات العمومية و كذلك النفقات بالرأسمال"
-        و يعتبر إستثناءا من مبدأ السنوية الميزانيات المخصصة لبرامج و مخططات الاقتصادية و الاجتماعية التي يستغرق تنفيذها في الميدان عدة سنوات
ثانيا: مبدأ الوحدة
-        مبدأ وحدة الميزانية يعين وضع بنود الإيرادات و النفقات في خطة واحدة، بهذا يمكن تفسيره على أساس:
أ‌)        زاوية المالية: و تعني أن جميع العمليات المالية للدولة تجمع ضمن مشروع يخضع لرقابة البرلمان.
ب‌)  زاوية شكلية: خضوع جميع العمليات المالية لقانون واحد هو قانون المالية ومن هنا تظهر أهمية مبدأ الوحدة من حيث الرقابة البرلمانية.
إذا احترام الوحدة من الزاوية المادية تعني عدم القدرة على إخفاء العجز بطريقة تقييم الميزانية المتوازنة في الشكل العادي، و احترام مبدأ الوحدة من الزاوية الشكلية يسمح للبرلمان بإعطاء الرأي حول أولوية النفقات
ثالثا: مبدأ الشمولية
و يعني أن تتضمن الميزانية قسمين: أولهما خاص بالإيرادات و الثاني خاص بالنفقات دون الربط بحيث يظهر كل قسم مستقلا عن الأخر و هذه الطرقة توضح نتيجة نشاط الدولة مما ييسر مهمة البرلمان في الرقابة على بنود الميزانية و رقابة داخلية على مرحلة تنفيذ الميزانية.
رابعا: مبدأ التوازن.
يقصد بمبدأ التوازن لميزانية أن تتساوى جملة الإيرادات العامة مع جملة النفقات العامة.
و تأسيسا على ذلك لا تعتبر الميزانية محققة لمبدأ التوازن إذا زاد إجمالي النفقات العامة عن إجمالي الإيرادات العامة فهذا يعبر عن وجود عجز في الميزانية.
 و في هذا الإتجاه دهبت المادة 121 من الدستور حينما نصت على ما يلي:
" لا يقبل إقتراح أي قانون مضمونه أو نتيجته تخفيض الموارد العمومية أو زيادة النفقات العمومية إلا إدا كان مرفوقا بتدابير تستهدف الزيادة في إيرادات الدولة أو توفير مبالغ مالية في فصل آخر من النفقات العمومية تساوى على الأقل المبالغ المقترح انفاقها"  
وهذا ما تؤكده المادة139 من قانون الولاية ينصها على ما يلي :
" يجب على المجلس الشعبي الولائي أن يصوت على ميزانية الولاية على أساس التوازن "
   
الفصل الثاني  : إعتماد قانون المالية
المبحث الأول : تصغير قانون المالية ( المناقشة و التعديل )
- بعد إعداده من طرف السلطة التنفيذية يتم إيداع مشروع قانون المالية ادى السلطة التشريعية ( المجلس الشعبي الوطني ) بفرض اعتماده تطبيقا لقاعدة أسبقية الإعتماد  على التنفيذ وذلك حسب المراحل الآتية :
أولا   : المناقشة
بعد ايداع مشروع قانون المالية مرفقا بجميع الوثائق المرتبطة به إلى مكتب رئيس المجلس الشعبي الوطني، سقوم هذا الأخير طبقا للقوانين و الأنظمة الداخلية للمجلس باحالته إلى الللجنة البرلمانية المختصة بقطاع المالية و الميزانية و التخطيط وتقوم لجنة المالية و الميزانية بالمجلس الشعبي الوطني بدراسته و مناقشة مشروع القانون مع ممثل الحكومة ( وزير المالية ) وتنتهي أعمالها بوضع تقرير تمهيدي يتضمن ملاحظاتها واقتراحاتها، يتم عرض التقرير التمهيدي على المجلس الشعبي الوطني لمناقشته في جلسة عامة،تكون مناسبة لجميع النواب لطرح القضايا و المشاكل المتعلقة بالسياسة المالية ومدى الإلتزام بتنفيذ قانونالمالية الساري المفعول من طرف مختلف القطاعات و الوزارات.
ثانيا : التعديل
يمكن للنواب و الحكومة وأعضاء اللجنة التقدم باقتراح تعديلات مكتوبة أمام اللجنة المختصة و مناقشتها مع الوزير المعتبر شريطة التقيد بأحكام المادة 121 من الدستور التي تنص على ما يلي : " لا يقبل أي قانون مضمونه أو نتيجته تخصيص الموارد العمومية أو زيادة النفقات العمومية إلا إذا كان مرفوقا............"
ويمكن للحكومة الإعتراض على التعديلات المقدمة ، الأمر الذي يؤدي إلى مشاكل سياسية و دستورية.
المبحث الثاني : التصويت على قانون المالية و تنفيذه
أولا : التصويت
تخول الفقرة 12 من المادة 122 من الدستور" للمجلس الشعبي الوطني حق التصويت على ميزانية الدولة "
كما يقوم مجلس الأمة لاحقا بالمناقشة و المصادقة على القانون ميزانية الدولة حسب المادة 120 من الدستور.
و القاعدة أن يصوت و يصادق البرلمان على ميزانية الدولة قبل بداية السنة المدنية الجديدة احتراما لمبدأ السنوية .
كما أن الدستور قد يقيد البرلمان من حيث الإختصاص الزمني في المصادقة على قانون المالية حينما ينص في الفقرتين السابعة (07) و الثامنة (08) من المادة 120 من الدستور كما يلي :
" يصادق البرلمان على قانون المالية في مدة أقصاها خمسة و سبعون يوما (75) من تاريخ إيداعه طبقا للفقرات السابعة، في حالة عدم المصادقة عليه في الأجل المحدد سابقا، يصدر رئيس الجمهورية مشروع الحكومة بالأمر "
كما يشير القانون 84-17 المتعلق بقوانين المالية إلى حالة عدم تمكن البرلمان لاعتبارات معينة من المصادقة على قانون الميزانية قبل بداية السنة ( 1 جانفي ) تضمن نص في مادته 69 إلى ما يلي :
" في حالة ما إذا كان تاريخ المصادقة على قانون المالية للسنة المعنية لا يسمح بتطبيق أحكامه عند تاريخ أول يناير من السنة المالية المعتبرة :
1- يواصل مؤقتا تنفيذ إيرادات ونفقات الميزانية العامة للدولة حسب الشروط الآتية :
أ) بالنسبة للإرادات طبقا للشروط و النسب وكيفيات التحصيل المعمول بها طبقا لقانون المالية السابق.
ب) بالنسبة لنفقات التسيير في حدود 12/1 من مبلغ الإعتمادات المفتوحة بالنسبة للسنة المالية للميزانية السابقة و ذلك شهريا و لمدة ثلاث أشهر .
ج) بالنسبة للإعتمادات و الإستثمارات في حدود ربع الحصة المالية المخصصة لكل قطاع و لكل مسير كما تنتج عن توزيع   إعتمادات   الدفع المتعلق بالمخطط السنوي للسنة المالية السابقة .
2) يواصل تنفيذ مشاريع الميزانية الملحقة و الأحكام ذات الطابع التشريعي و المطبقة على الحسابات الخاصة للخزينة طبقا للأحكام التشريعية و التنظيمية التي تسيرها قبل بداية السنة المالية الجديدة للميزانية .
ثانيا : التنفيذ
بعد المصادقة على ميزانية الدولة من طرف السلطة التشريعية يقوم رئيس الجمهورية باصدار القانون المتعلق بالميزانية و نشره في الجريدة الرسمية من أجل قيام الجهاة و الهيئاة الإدارية المتخصصة بتنفيذها في الميدان، أي الإنتقال من مجال التقدير و التوقع للسنة المقبلة إلى مجال الواقع الملموس في وقت حاضر سواء من حيث تحصيل الإرادات و جبايتها أو صرف النفقات المعتمدة