اثار العقد الاداري

شاهد

اثار العقد الاداري

1 ــــ مقدمة                                                     


إذا قام العقد صحيحا ترتبت عليه أثاره القانونية التي تقتصر على العاقدين فقط :
لأن احترام حرية الأفراد يقتضي أن تقتصر أثار العقد على طرفيه.
فالعقد إذن نسبي في أثره على أن العقد ، إذا كان يقتصر في أثره على العاقدين ، فإنه يعتبر بينهما في حدود هذا الأثر ، بمثابة القانون ، بحيث يلتزمان بتنفيذه ، كما يلتزمان بتنفيذ القانون.(01)
العقد الإداري يرتب حقوقاً والتزامات لطرفيه، يكاد الناس يجمعون عليها، وإن اختلفوا في تقسيمها وترتيبها؛ لأن كل واحد ممن يتصدى لبيان تلك الآثار يرتبها بحسب وجهة نظره، والزاوية التي ينظر من خلالها، والجوانب التي يركز عليها.

   المطلب الاول: التزامات المتعاقد مع الادارة

الالتزامات التي تقع على عاتق المتعاقد مع الإدارة متعددة ومتنوعة، ويمكن ترتيبها وتصنيفها بأساليب وطرق كثيرة، فقدرها بعضهم سبعة وبعضهم خمسة، وبعضهم جعلها أربعة، ومنهم من جعلها ثلاثة، إلا أن الدراسة تمت
على أساس أنها أربعة :

أ – تنفيذ العقد على مسؤوليته الخاصة أثناء العقد ، فيتحمل النتائج الضارة التي تلحق بالإدارة أو الغير بسبب أعمال التنفيذ سواء حدث منه أو من تابعيه أو من الآلات المستعملة، وكذلك تمتد مسؤوليته الشخصية حتى بعد تنفيذ الأعمال وتسليمها تسليماً حقيقياً أو حكمياً، فيضمن العيوب التي تلحق بالأعمال خلال سنة من التسليم الابتدائي للأعمال، وهذه المسؤولية تشمل العيوب البسيطة التي تظهر في الأعمال، بشرط ألا تكون بسبب سوء الاستعمال، أما ضمان الأعمال مدة طويلة كما هو الحال بالضمان العشري فلا يشمل إلا المتهدم الكلي أو الجزئي، وهذا يعتبر ضماناً للخلل الكبير الذي يؤثر على سلامة مستعملي المباني والمنشآت أو الآلات .. الخ.

ب- الالتزام بمبدأ حسن النية : حال التنفيذ بأن يبذل الجهد في تنفيذ العقد حسبما تم الاتفاق عليه، دون التمسك بحرفية نصوص العقد، مع بذل العناية المطلوبة في تنفيذ الأعمال، وتوخي الدقة والحذر لتجنب كل ما من شأنه إلحاق الضرر بالإدارة المتعاقدة.

ج- التنفيذ الشخصي للعقد ، وهذا يتطلب أن يقوم بالعمل بنفسه فلا يسند القيام بالعمل إلى مقاول من الباطن أو يتنازل عن العقد إلى شخص آخر إلا بإذن من الإدارة، ويختلف هذا الالتزام حسب مستوى الاعتبار الشخصي للمتعاقد، فإن كانت شخصية المتعاقد ذات اعتبار عند الإدارة المتعاقدة كان هذا الالتزام التزام بتحقيق غاية أما إذا لم تكن كذلك فيكون الالتزام ببذل عناية.

  د- التنفيذ وفقاً لنصوص العقد والوثائق المرفقة به ، ونصوص العقد هي المدونة في صكه، والوثائق المرفقة به هي غالباً وثائق إجراءات التعاقد، وهي الإعلان في الجريدة الرسمية عن المشروع، الخطابات الموجهة للأشخاص العروض، محاضر اللجان، خطابات الترسية، كراسة الشروط والمواصفات العامة أو الخاصة، المراسلات المتبادلة ومحاضر الاجتماعات وأوامر التنفيذ.

       المطلب الثاني :حقوق المتعاقد مع الادارة

للمتعاقد مع الإدارة حقوق اختلف في تقسيمها، فقال بعضهم أربعة حقوق، وقال بعضهم أنها ثلاثة. بينما ذهب البعض إلى أنها اثنين، إلا أن الدراسة تمت على أساس أنها ثلاثة حقوق هي :

أ – احترام الإدارة لالتزاماتها العقدية سواء كانت التزامات أصلية أو تبعية، وهذا يعني أنه يجب عليها عدم القيام بأي عمل يتعارض مع صفتها كطرف في العقد.

ب- الحصول على المقابل المالي  : إذا ما قام بتنفيذ الأعمال، سواء كانت الأعمال منصوصاً عليها بالعقد أو الوثائق المرفقة به، أو كانت أعمال ضرورية لتنفيذ الأعمال، وهذا المقابل المالي الغالب فيه أنه من العملة الوطنية، وقد يكون بعملة أجنبية وقد يكون منفعة.

ج- التوازن المالي للعقد في حالة حدوث ظرف طارئ أو عمل من أعمال السلطة أو ظهور صعوبات غير متوقعة .. الخ وأدى ذلك إلى إلحاق الضرر بالمتعاقد مع الإدارة، بحيث اختلت حساباته التي قام بها في تحديد المقابل المالي. أي انه   : مثلما تملك الإدارة حقوق في مواجهة المتعاقد معها، فإن الأخير يتمتع بحقوق متماثله وتتمثل هذه الحقوق في حقه في الحصول على المقابل النقدي وحقه في اقتضاء بعض التعويضات، وأخيراً حقه في ضمان التوازن المالي للعقد. الفرع 1: المقابل النقدي والتعويضات :  

أولاً : المقابل النقدي :- يسعى المتعاقد مع الإدارة لتحقيق مصالح مادية من وراء تعاقده تتمثل بالمقابل النقدي للسلع أو الخدمات التي قدمها للإدارة وفقاً لالتزاماته التعاقدية .
وتختلف طبيعة هذا المقابل باختلاف العقود الإدارية، ففي عقد الامتياز يتمثل بما يحصل عليه المتعاقد من رسوم تفرض على المنتفعين من خدمات المرفق ، أما في عقود التوريد والأشغال العامة، قد يكون بشكل الثمن الذي تدفعه الإدارة نظير السلع التي تم توريدها أو الأشغال التي تم تنفيذها.
والقاعدة فيما يخص المقابل المادي تنص على أن لا يدفع إلا بعد إنتهاء تنفيذ العقد، وتسوية الحساب الختامي إلا في بعض الحالات التي تتعلق بطبيعة العقد الذي يتطلب تنفيذه مدة طويلة.
ثانياً : حق اقتضاء التعويضات :- للمتعاقد وفقاً للقواعد العامة أن يتقاضى بعض التعويضات في حالة تسبب الإدارة بإحداث ضرر به لعدم تنفيذها التزاماتها التعاقدية .
كذلك يتقاضى المتعاقد التعويض عن الأعمال الإضافية التي ينجزها ولم تكن واردة بالعقد إذا كانت هذه الأعمال ضرورية لتنفيذ العقد وتكون مطالبته في هذه الحالة استناداً إلى قاعدة الإثراء بلا سبب ( ).
كما يستحق المتعاقد التعويض إذا واجه أثناء تنفيذ العقد صعوبات مادية استثنائية لم تدخل في حساب طرفي العقد وتقديرهما عند التعاقد وتجعل التنفيذ أكثرمن الكلفة التي قدراها .
وقد أفتت الجمعية العمومية لقسم الرأي في مصر بتاريخ 4/ 2/ 1964 "أن نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة تجمل في أنه إذا ما صادف المتعاقد في تنفيذ التزاماته صعوبات مادية ذات طبيعة استثنائية خالصة، ولا يمكنها توقعها بحال من الأحوال عند إبرام التعاقد وتؤدي إلى جعل تنفيذ العقد مرهقاً فإن من حقه أن يطالب بتعويض كامل عما تسببه هذه الصعوبات من أضرار" ( ).
الفرع 2: ضمان التوازن المالي للعقد : - أن الاعتراف للإدارة بسلطة تعديل شروط العقد وزيادة أو إنقاص التزامات المتعاقد معها بإرادتها المنفردة لابد أن يقابلها من جانب أخر حق للمتعاقد يتمثل بمنحه من الامتيازات المالية ما يساوي الزيادة في التزاماته، فالعدالة تقتضي أن يكون من طبيعة العقود الإدارية أن تحقق بقدر الإمكان توازناً بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع الإدارة وبين المزايا التي ينتفع بها .
وأصطلح على هذه الفكرة بفكرة التوازن المالي للعقد، وقد أقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي هذه الفكرة في العديد من أحكامه وخاصة في مجال عقود الالتزام كما أشار إليها الكثير من مفوضي الدولة. ففي تقرير مفوض الدولة ليون بلوم
Leon blum في قضية (الشركة الفرنسية العامة للترام) بتاريخ 21-3-1910 أوضح أنه "إذا انهار الاقتصاد المالي للعقد، وإذا أدى استعمال السلطة مانحة الالتزام حقها في التدخل إلى حدوث شيء من الاختلاف في هذا التوازن بين المزايا والأعباء، بين الالتزامات والحقوق.. فليس ما يمنع الملتزم من اللجوء إلى قاضي العقد فيثبت أن التدخل وإن كان مشروعاً في ذاته وإن كان ملزماً له، سبب له ضرراً يتعين تعويضه عنه" ( ).
وقد انقسم الفقه في تحديد معنى التوازن المالي للعقد إلى جانبين ذهب الجانب الأول منه ويتزعمهم الفقيه
Pequignot إلى القول أن التوازن المقصود هنا هو وضع نسبة حسابية دقيقة بين التزامات المتعاقد وحقوقه ( ) .
بينما ذهب الجانب الأخر إلى أن التوازن المالي للعقد لا يعني الجمود الحسابي بين الحقوق والالتزامات، وإنما يقصد به مرونة التزامات المتعاقد مع الإدارة تقضي مرونة حقوقه في مواجهة الإدارة، فيكون من الضروري أن تناسب حقوق المتعاقد معه التزاماته، زيادة أو نقصاً على الأقل إذا كان حصول هذه الزيادة أو النقص بفعل الإدارة .
وهذا الاتجاه هو الراجح فقها وقضاء، فقد قضت محكمة القضاء الإداري المصري في 30-6-1957 "أن الفقه والقضاء الإداري قد خلق نظرية الظروف الطارئة ونظرية التوازن المالي للعقد وغيرها من النظريات والقواعد التي تحقق بقدر الإمكان توازناً بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع الإدارة وبين المزايا التي ينتفع بها.. أن من حق المتعاقد المضار من حالة الظروف الطارئة أن يطلب من الطرف الآخر مشاركته في هذه الخسائر التي تحملها فتعوضه عنها تعويضاً جزئياً.." ثم يستمر هذا الحكم ليقرر مبدأ استقلال نظرية التوازن المالي للعقد عن النظريات الأخرى فيقول :" ومن هذا تختلف هذه النظرية " نظرية الظروف الطارئة" عن نظرية التوازن المالي للعقد من ناحية أن نظرية التوازن المالي تقوم على مقابلة الحق المعترف به لجهة الإدارة في تعديل العقد الإداري للمصلحة العامة بإصلاح ما يحدث للعقد الذي هو طرف فيه، أما في نظرية الظروف الطارئة فإنه بالرغم من أن الضرر الذي يقع يرجع إلى سبب غريب عن جهة الإدارة فإن العقد يظل قائماً وموجوداً كما هو، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن التعويض تأسيساً على نظرية التوازن المالي للعقد يكون تعويضاً كاملاً عن جميع الأضرار التي تصيب المتعاقد أما في حالة الظروف الطارئة فإنه يكون مقصوراً على معاونة ومساهمة في مقدار الضرر.." ( )
وعلى هذا فإن فكرة التوازن المالي تتعلق بالاختلال المالي للعقود بفعل الإدارة وهي فكرة ملازمة للتعديل في العقود الإدارية ولايمكن الاعتماد عليها أساساً فيما يتعلق بالنظريات الأخرى التي تحدد الالتزامات التعاقدية كنظرية عمل الأمير ونظرية الظروف الطارئة ونظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة، ونجد أن من المناسب أن نتناولها تباعاً.
1-نظرية عمل الأمير Theorie du fait du prince يراد بعمل الأمير جميع الأعمال الإدارية المشروعة التي تصدر عن السلطة الإدارية المتعاقدة، وتؤدي إلى ضرر بالمركز المالي للمتعاقد معها .
وهذه النظرية من خلق مجلس الدولة الفرنسي وقد كان يطبقها بالنسبة لجميع الأعمال الإدارية التي تصدر من السلطات العامة في الدولة وينتج عنها إخلال بالتوازن المالي للعقد، إلا أنه ضيق من نطاق هذه الأعمال وحصرها بالأعمال الصادرة عن الجهة الإدارية التي أبرمت العقد، وقد اتبع القضاء الإداري في مصر هذا الاتجاه .
فقد ورد في فتوى صادرة عن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في مصر أن عمل الأمير هو " إجراء خاص أو عام يصدر عن جانب الجهة الإدارية المتعاقدة لم يكن متوقعاً وقت التعاقد، يترتب عليه إلحاق ضرر خاص بالمتعاقد لا يشاركه فيـه سائر من يمسهم الإجراء ".( )
شروط تطبيق النظرية :
يشترط لتطبيق نظرية الأمير توافر ما يأتي :-

1
- أن يتعلق عمل الأمير بعقد إداري : لا تقوم نظرية الأمير إلا بخصوص تنفيذ عقد إداري أياً كان نوعه، ولا مجال لتطبيق هذه النظرية على عقود القانون الخاص . 2- أن يكون الفعل الضار صادراً من جهة الإدارة المتعاقدة : ومع ذلك فإذا صدر هذا الفعل من جهة أخرى لا يمنع من تطبيق نظرية الظروف الطارئة إذا توافرت شروطها، ويستوي أن يكون هذا الفعل قد صدر بشكل تشريع أو قرار إداري. ( ) 3- أن ينتج عن هذا الفعل ضرر للمتعاقد : ويتمثل هذا الضرر في زيادة أعباء تنفيذ شروط التعاقد إلى حد يخل بالتوازن المالي للعقد، ولا يشترط في هذا الضرر درجة معينة من الجسامة، فقد يكون جسمياً أو يسيراً وبهذا تختلف نظرية فعل الأمير عن نظرية الظروف الطارئة التي تتطلب إصابة المتعاقد بضرر جسيم لتطبيقها . 4- أن لا تكون الإدارة المتعاقدة قد أخطأت بعملها الضار: يشترط لتطبيق هذه النظرية أن تتصرف الإدارة في حدود سلطتها المعترف بها وأن لا تكون الإدارة قد أخطأت باتخاذ هذا العمل .
فالإدارة تسأل في نطاق هذه النظرية بصرف النظر عن قيام خطأ في جانبها، ذلك أن المسئولية هنا تكون مسئولية عقدية بلا خطأ أما إذا انطوى تصرفها على خطأ، فإنها تسأل على أساس هذا الخطأ . ( )
5- أن يكون الإجراء الذي أصدرته الإدارة غير متوقع : يشترط لتطبيق هذه النظرية أن يكون الإجراء أو التشريع الجديد غير متوقع الصدور وقت التعاقد، فإن المتعاقد مع الإدارة يكون قد أبرم العقد وهو مقدر لهذه الظروف الأمر الذي يترتب عليه تعذر الاستناد إليها.( )
ومن المستقر في هذا المجال أن شرط عدم التوقع لا ينصرف إلى أصل الحق في التعديل، فهذا التعديل متوقع من الإدارة دائماً، ولكن عدم التوقع هو في حدود هذا التعديل ( )
الآثار المترتبة على تطبيق نظرية عمل الأمير :- يترتب على توافر شروط تطبيق نظرية عمل الأمير إعادة التوازن المالي للعقد عن طريق تعويض المتعاقد عن الأضرار التي لحقت به نتيجة الإجراء الذي أصدرته الإدارة، تعويضاً كاملاً .
وفي ذلك استقر القضاء الإداري على أن يشمل التعويض ما لحق المتعاقد من خسارة بسبب عمل الأمير من قبيل ما تحمله من نفقات إضافية ورسوم جديدة ، وكذلك مافاته من كسب يتمثل بالمبالغ التي كان سيحصل عليها لو لم يختل التوازن المالي للعقد . ويتم تقدير مبلغ التعويض باتفاق الطرفين، فإذا لم يتم هذا الاتفاق فإن القضاء يتولى هذا التقدير .
وقد بينت محكمة القضاء الإداري المصري الأسس التي يتم من خلالها تحديد مقدار التعويض في حكمها بتاريخ 30-6-1957 الذي ورد فيه " أن القاعدة بالنسبة للتعويض على أساس التوازن المالي للعقد .. أنه إذا لم يكن مقداره متفقاً عليه في العقد، فإن جهة الإدارة لا تملك أن تستقل بتقديره، بل يقدره قاضي العقد اعتباراً بأنه ينشأ عن تكاليف غير متوقعة، وإن كل ما هو غير متوقع يعتبر خارجاً عن نطاق العقد ، فلا تطبق عليه شروطه، ولتعبير "عدم التوقع" في هذه الخصوصية معنى خاص بها هو أن التكاليف الزائدة التي تلقى على عاتق المتعاقد تعتبر غير متوقعة، ما دام إنها ليست جزءً من الاتفاق، بمعنى أنه لا يقابلها في شروط العقد أي تقدير ، والمحكمة إنما تقدر هذا التعويض طبقاً للقواعد المقررة في القانون الإداري في هذا الشأن وهو يشمل عنصرين، الأول ما لحق المتعاقد من خسارة ، ويتضمن هذا العنصر المصروفات الفعلية التي أنفقها المتعاقد، وهذه المصروفات تختلف باختلاف الأحوال وطبيعة التعديل ونتائجه، ومثال ذلك ما إذا طلبت الإدارة سرعة إنجاز الأعمال، فإن ذلك قد يؤدي إلى زيادة التكاليف على المتعاقد بدفع أثمان مرتفعة أو زيادة في أجور الأيدي العاملة، كما أنه من الجائز أن يترتب على تعديل العقد أثناء تنفيذه خسائر متنوعة، وفي هذه الحالة يجب تقدير هذه الخسائر مادامت علاقة السببية قائمة بينها وبين الإجراء الذي طلبت جهة الإدارة من المتعاقد معها اتخاذه، والثاني ما فات المتعاقد مع الإدارة من كسب اعتباراً بأن من حقه أن يعوض عن ربحه الحلال من عمله ورأس ماله .. " ( ) .
2. نظرية الظروف الطارئة : Theorie du L impr evision نظرية الظروف الطارئة من خلق مجلس الدولة الفرنسي، الذي أقرها في حكمه بتاريخ 30-3-1916 بشأن قضية إنارة مدينة "بوردو" وتتلخص وقائع القضية في أن الشركة الملتزمة بتوريد الغاز لمدينة بوردو، أثناء تنفيذها للعقد، وجدت أن الأسعار التي تتقاضاها أبعد كثيراً من أن تغطي النفقات بعد الارتفاع في أسعار الفحم المستخرج منه الغاز ارتفاعاً كبيراً عقب نشوب الحرب العالمية الأولى، بحيث ارتفع سعر الفحم إلى أكثر من ثلاثة أمثاله، فقد كان ثمن طن الفحم عند إبرام العقد في عام 1904- "23 فرنكا" ، وارتفع في عام 1916 إلى أكثر من "73 فرنكاً"، مما أصبح معه تنفيذ الشركة لالتزاماتها مرهقاً .
وقد طلبت الشركة من بلدية المدينة المتعاقد معها رفع الأسعار المفروضة على المنتفعين، فرفضت البلدية ذلك، وتمسكت بشروط العقد استناداً إلى قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين" المتبعة في عقود القانون الخاص.
وقد عرض النزاع على مجلس الدولة الذي أٌقر بدوره نظرية الظروف الطارئة كسبب لإعادة التوازن المالي للعقد ، وفي ذلك ورد الحكم " .. من حيث أنه نتيجة لاحتلال العدو الجزء الكبير من مناطق إنتاج الفحم في أوربا القارة، ولصعوبات النقل بالبحر التي تتزايد خطورة أكثر فأكثر سواء بسبب الاستيلاء على البواخر أو بسبب طبيعة أعمال الحرب البحرية ومدتها، فإن الارتفاع الطارئ خلال الحرب العالمية الحالية في أسعار الفحم، وهو المادة الأولية في صناعة الغاز بلغ نسبة لا توصف فقط بأنها ذات طبيعة استثنائية بالمعنى المعتاد لهذا اللفظ ولكنه أدى كذلك إلى ارتفاع في تكلفة صناعة الغاز لدرجة أخلت بكل الحسابات، وجاوز أقصى حدود الزيادات التي كان يمكن للطرفين توقعها عند إبرام عقد الالتزام، وأنه نتيجة لاجتماع كل الظروف السابق بيانها انقلب اقتصاد العقد بصورة مطلقة، وأن الشركة إذن على حق في التمسك بأنها لا تستطيع كفالة تشغيل المرفق بذات الشروط المتفق عليها أصلاً طالما استمر الموقف غير العادي المذكور أعلاه .." وخلص المجلس من ذلك إلى قوله "بالتزام الشركة بضمان المرفق محل الالتزام، ومن ناحية أخرى بأن عليها أن تتحمل فقط خلال هذه الفترة الوقتية جزءً من النتائج المبهضة لموقف القوة القاهرة.. الذي يسمح بالتفسير المتزن للعقد بتركه على عاتقها..( ).
ومن هذا يتضح أن نظرية الظروف الطارئة لا تجعل تنفيذ العقد مستحيلاً مثلما هو الحال بالنسبة للقوة القاهرة التي تعفي المتعاقد من التنفيذ، فالتنفيذ في نظرية الظروف الطارئة يبقى ممكناً ولكنه مرهق، وعلى ذلك لا تعفى المتعاقد من تنفيذ العقد
، إلا أنها تمنح المتعاقد الحق في الطلب من الإدارة أن تسهم في تحمل بعض الخسائر التي تلحق به، ضماناً لحماية المرفق العام واستمراره في أداء خدماته دون انقطاع . شروط تطبيق النظرية : يشترط لتحقيق هذه النظرية توافر الشروط الآتية :- 1- وقو ع حوادث استثنائية عامة غير متوقعة بعد إبرام العقد : وأثناء تنفيذهويشترط ألا يمكن دفعها أو تداركها من قبيل الظروف الاقتصادية كارتفاع الأسعار ارتفاعاً فاحشاً، أو سياسياً مثل إعلان الحرب، أو طبيعياً كحدوث زلزال أو فيضان .
ويشترط في هذا الظرف أن لا يكون متوقعاً، وفي ذلك بينت محكمة القضاء الإداري، أن هذا الشرط ينطوي إلى حد كبير على معنى المفاجأة في صورة معينة، كأن يجد المتعاقد مع الإدارة نفسه إزاء حالة لم يكن يتوقع حدوثها، لا بناء على دفتر الشروط ولا من دراسته الأولية للمشروع أو على الرغم من تنبيهه أو ما اتخذه من حيطة لا تفوت على الشخص البصير بالأمور قبل الإقدام على الإسهام في تسيير المرفق العام والتعاقد بشأنه ( ) .
هذا ويعد الظرف الطارئ غير متوقع ولو كان ذلك يتعلق فقط بنطاق هذا الظرف الطارئ لا بأصله، فإذا كان المتعاقد يتوقع ارتفاع الأسعار ولكنه لم يكن يتوقع ارتفاعها إلى الحد الذي وصلت إليه فإن الشرط يعد متوفراً وتطبق النظرية في هذه الحالة ( ).
2- أن يكون الحادث الطارئ خارجاً عن إرادة المتعاقد ومستقلاً عن إرادته:
فلا يستطيع المتعاقد أن يستفيد من هذه النظرية، إذا كان متسبباً بإحداث الظرف الذي جعل تنفيذ التزامه مرهقاً .
كذلك يلزم أن لا تكون الإدارة هي التي تسببت في إحداث هذا الظرف بخطئها أو بفعلها فتكون ملزمة في هذه الحالة بتعويض المتعاقد عما لحقه من ضرر وفق قواعد المسئولية أما على أساس الخطأ أو استناداً إلى فكرة المسؤولية دون خطأ وفقاً لنظرية عمل الأمير التي أوضحناها سابقاً .
3- أن يؤدي الظرف الطارئ إلى إلحاق خسائر غير مألوفة : ومن شأن هذه الخسائر أن تؤدي إلى اضطراب في التوازن المالي للعقد، وإرهاق المتعاقد.
وعلى ذلك فإن حدوث خسائر بسيطة للمتعاقد لا تسمح بالاستفادة من هذه النظرية التي تستلزم أن تكون الخسارة الناشئة عن الظرف الطارئ تجاوز الخسارة العادية المألوفة .
هذا ومن الواجب أن ينظر إلى العقد بمجمله لتحديد مدى الإرهاق الذي لحق بالمتعاقد فلا ينظر إلى جانب من جوانب العقد الذي من الممكن أن يكون مجزياً ومعوضاً عن العناصر الأخرى، التي أدت إلى الخسارة ( ).
4- أن يستمر المتعاقد في تنفيذ العقد : لكي يتمكن القاضي من رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول يجب أن يكون الالتزام قائماً ولم يتم تنفيذه، وهذا الشرط يستلزم أن يكون العقد من شانه أن يمتد مدة من الزمن تسمح بتحقيق الظروف الطارئة، ويحصل ذلك في الغالب في عقود امتياز المرافق العامة وعقود التوريد والأشغال العامة .
الآثار المترتبة على تطبيق نظرية الظروف الطارئة :-
أن تطبيق نظرية الظروف الطارئة متى توافرت شروطها لا تعفى المتعاقد من تنفيذ التزاماته فالمتعاقد يبقى ملزما بالاستمرار في تنفيذ العقد، وهذا ما يميز نظرية الظروف الطارئة عن القوة القاهرة التي تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً .
كما تختلف نظرية الظروف الطارئة عن نظرية عمل الأمير في أنه يترتب على تحقق عمل الأمير تعويض المتعاقد تعويضاً كاملاً يشمل ما لحق المتعاقد من خسارة وما فاته من كسب أما في نظرية الظروف الطارئة فإن التعويض لا يغطي إلا الخسائر التي نجمت عن الظرف الطارئ والتي تجاوزت الحدود المعقولة ( ).
وقد بينت المحكمة الإدارية العليا هذا المبدأ بقولها "أن التعويض الذي تلتزم به جهة الإدارة لا يستهدف تغطية الربح الضائع – أياً كان مقداره أو الخسارة العادية المألوفة في التعامل – وإنما أساسه تحمل الجهة الإدارية المتعاقدة لجزء من خسارة محققة وفادحة"( ).
والإدارة في سبيل تعويض المتعاقد، قد تتفق مع المتعاقد على تعديل العقد وتنفيذه بطريقة تخفف من إرهاقه وتتحمل بعض عبء هذا الإرهاق بالقدر الذي يمكن المتعاقد من الاستمرار بتنفيذ العقد ، وإذا لم يتم هذا الاتفاق فإنه للقضاء أن يحكم بتعويض المتعاقد استناداً إلى التفسير المعقول للعقد ( ).
هذا ويتميز حق التعاقد في اقتضاء التعويض وفق نظرية الظروف الطارئة بأنه حق مؤقت ينقضي بانقضاء الظرف الطارئ، فلا يتصور أن يستمر طويلاً ، ويملك أي من المتعاقدين أن يفسخ العقد وذلك بالاستناد إلى نظرية القوة القاهرة التي تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً ويكون الفسخ أما بحكم قضائي أو قرار إداري ومن الممكن أن يكون حكم المحكمة بالفسخ مصحوباً بالتعويض إذا كان له مقتضى .
ومن الملاحظ هنا أنه لا يجوز الاتفاق على إعفاء الإدارة من التعويض استناداً إلى نظرية الظروف الطارئة ويعد باطلاً اشتراط الإدارة ذلك لمخالفته للنظام العام
.

  3- نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة Theorie des Suj etions imprevuse . يصادف المتعاقد مع الإدارة في بعض الأحيان وخاصة في عقود الأشغال صعوبات مادية غير متوقعة لم تدخل في حساب طرفي العقد عند التعاقد، وتجعل تنفيذ الالتزام أشد وطأة على المتعاقد مع الإدارة وأكثر كلفة.
وفي هذه الحالة درج القضاء الإداري في فرنسا على ضرورة تعويض المتعاقد إذا أدت الصعوبات التي واجهته إلى قلب اقتصاديات العقد، على أساس أن النية المشتركة لأطراف العقد اتجهت إلى أن الأسعار المتفق عليها في العقد أنما وضعت في ظل الظروف العادية وأن أي زيادة في الأسعار بسبب الصعوبات المادية غير المتوقعة تتطلب تقدير خاص يتناسب معها. ( )
وغالباً ما تظهر هذه الصعوبات في صورة ظواهر طبيعية كما لو صادفت المتعاقد لحفر نفق كتل صخرية بالغة الصلابة لم يكن في وسعة توقعها رغم ما اتخذه من حيطة ودراسات للمشروع قبل التنفيذ .
وقد طبق القضاء الإداري المصري هذه النظرية فقضت محكمة القضاء الإداري بتاريخ 20-1-1957 " ومن حيث أن المدعى يؤسس طلب التعويض – في هذه الحالة- على النظرية المعروفة بنظرية الصعوبات غير المتوقعة، وهي من النظريات التي ابتكرها الفقه والقضاء الإداري، مقتضاها أنه عند تنفيذ العقود الإدارية وبخاصة عقود الأشغال العامة قد تطرأ صعوبات مادية استثنائية لم تدخل في حساب طرفي العقد وتقديرهما عند التعاقد، وتجعل التنفيذ أشد وطأة على المتعاقد مع الإدارة وأكثر كلفة، فيجب من باب العدالة تعويضه عن ذلك بزيارة الأسعار المتفق عليها في العقد زيادة تغطي جميع الأعباء والتكاليف التي تحملها اعتباراً بأن الأسعار المتفق عليها في العقد لا تسري ألا على الأعمال العادية المتوقعة فقط، وأن هذه هي نية الطرفين المشتركة، والتعويض هنا ، لا يتمثل في معاونة مالية جزئية تمنحها جهة الإدارة للمتعاقد معها بل يكون تعويضاً كاملاً عن جميع الأضرار التي يتحملها المقاول، وذلك بدفع مبلغ إضافي له على الأسعار المتفق عليها.."( )
شروط تطبيق نظريه الصعوبات المادية
يشترط لتطبيق هذه النظرية توافر الشروط آلاتية :-
1-أن تكون الصعوبات مادية : وترجع هذه الصعوبات في الغالب إلي ظواهر طبيعية ترجع إلى طبيعة طبقات التربة محل العقد كأن يكتشف المتعاقد أن الأرض المراد تنفيذ العقد فيها ذات طبيعة صخرية مما يقتضي زيادة مرهقة في النفقات و التكاليف ، أو يفاجأ المتعاقد بوجود طبقات غزيرة من الـمياه تحتاج إلى نفقات غير عـاديه في سحبها وتجفيفها . ( )
كما قد ترجع الصعوبات إلى فعل الغير ، وليس إلى ظواهر طبيعية ، كوجود قناة مملوكة
لشخص ولم يشر إليها أو مواصفاته . ((
2- أن تكون الصعوبات المادية استثنائية وغير عاديه : اشترط القضاء لتطبيق هذه النظرية مثلا إذا كانت الطبقة الصلبه من التربة لمساحة محدودة وانما يجب أن تكون بامتداد غير عادى ولمساحة واسعه أو بنسبة كبيره من مجموع المنطقة محل العقد .( )
ويترك للقاضي مسألة ما إذا كانت الصعوبات المادية ذات طابع استثنائي من عدمه ويختلف ذلك حسب الحالات المعروضة كل
على حده . 3- أن تكون الصعوبات المادية طارئة أو غير متوقعه : يشترط لتطبيق هذه النظرية أن تكون الصعوبات المادية طارئة وغير متوقعه وقت التعاقد كأن يفاجأ المتعاقد بحاله لم يكن قد توقعها لابناء على دفتر الشروط ولافى دراساته الاوليه المشروع أو على الرغم مما نبه إليه أوما اتخذه من حيطه لا تفوت على الشخص البصير بالأمور قبل الإقدام على المساهمة في تسيير المرفق العام والتعاقد بشأنه . ( )
4- أن يكون من شأن هذه الصعوبات أن تلحق اضطراب في التوازن المالي للعقـد :
وعلى ذلك فإذا كان من شأن الصعوبات أن تلحق بالمتعاقد خسائر بسيطة فانه لا يسمح بالاستفادة في هذه النظرية فمن الواجب أن يصل الضرر حدا يتجاوز الخسارة المألوفة ليقلب اقتصاديات العقد ويتبين ، هذا من مقدار النفقات والتكاليف التي ينفقها المتعاقد زيادة على القيمة الاجمالية للعقد. 5- أن تكون الصعوبات من غير عمل أحد طرفي العقد : يشترط لتطبيق هذه النظرية أن لا يكون للمتعاقد دخل في أحداث الصعوبات أو زيادة آثارها خطورة وأن يثبت انه لم يكن في وسعه توقى آثارها وانه لم يخرج على شروط العقد أثناء قيامه بتنفيذ التزاماته .
ويشترط من جانب آخر أن لا يكون للاداره دخل في وجود تلك الصعوبات وأن كان يمكن الاستفادة من نظريه عمل الأمير في هذا المجال .
6- أن يستمر المتعاقد في تنفيذ العقد : لكي يستفيد المتعاقد من هذه النظرية يجب أن يستمر في تنفيذ العقد رغم الصعوبات المادية التي يواجهها ، فإذا توقف فانه يتعرض للجزاءات المتر تبه على إخلاله بتنفيذ العقد ويفقده الحق في المطالبة بالتعويض استناداً إلى هذه النظرية .
وفى هذا تتفق نظريه الصعوبات الماد يه غير المتوقعة مع نظرتي الظروف الطارئة وعمل الأمير التي لا تؤدى إلى تحلل المتعاقد من التزاماته .
الآثار المترتبه على تطبيق النظرية : يترتب على توافر شروط هذه النظرية حصول المتعاقد مع الاداره على تعويض كامل عن جميع الأضرار التي يتحملها وذلك بدفع مبلغ معين إضافي له على الأسعار المتفق عليها.((
وبذلك تختلف هذه النظرية من حيث سببها والنتائج المتر تبه عليها عن نظريه الظروف الطارئة ،فهذه الاخيره تطبيق بسبب ظروف سياسية أو اقتصادية أو اجتماعيه ينتج عنها قلب اقتصاديات العقد أو اختلال توازنه المالي ويقتصر التعويض فيها على قدر محدد تساهم فيه جهة الاداره .
كما أنها تختلف عن نظريه عمل الامير من حيث سببها ، فهذه الاخيره تطبق بسبب اجراء عام أو خاص صادر عن السلطة الاداريه المتعاقده ، ولكنها تتفق معها في النتيجة ،ففي كلا الحالتين التعويض كامل وليس جزئي ، على أن تطبيق هذه النظريه لا يعفي بحال من الأحوال من الاستمرار في تنفيذ التزاماته ، مالم يصبح هذا التنفيذ مستحيلآ فنكون أمام حاله القوه القاهره .
وقد أكدت المحكمه الاداريه العليا في مصر هذا الاتجاه في حكمها بتاريخ 30-12-1997 بقولها "..الثابت من الأوراق أن هناك صعوبات ماديه لم تكن متوقعه لدى طرفي العقد قد صادفت تنفيذ الأعمال الاضافيه التي قامت الإدارة بإسنادها إلى المطعون ضده ،خارج نطاق العقد ، وان تلك الصعوبات غير عاديه ، وترجع إلى طبيعة الأرض والاتربه ، وانه ما كان بإمكان طرفي العقد توقعها ، وهو ما يفيد توفر شروط انطباق نظريه الصعوبات الماد يه غير المتوقعة ، بما يتعين معه تعويض المقاول بالتكاليف التي تحملها باعتبار أن الأسعار المتفق عليها في العقد لا تسرى ألا على الأعمال العادية المتوقعة . وإذا ذهب الحكم المطعون عليه هذا المذهب ، حيث قضى بإلزام الإدارة بجميع الأعباء والتكاليف التي تحملها المطعون ضده عند تنفيذ الأعمال الإضافية ، بما يجاوز نسبه 25% من الأعمال الأصلية ، فانه يكون قد صادف حكم القانون وجديرا بالتأييد." 
 

 المطلب الثالث :الالتزامات الادارة المتعاقدة وحقوقها

       الفرع 1 : التزامات الادارة المتعاقدة

اختلف الشراح في تحديد التزامات الإدارة المتعاقدة، فذكر بعضهم أنها ثلاثة، وبعضهم قال أنها أربعة، ومنهم من قال أنها خمسة، وذهب بعضهم إلى أنها ثمانية، وتمت الدراسة على أنها ستة :
أ – تنفيذ العقد بمجرد إبرامه من السلطة المختصة، ولا يجوز لها التحلل من العقد بعد إبرامه، ولا التأخر في تنفيذه بما يؤدي إلى الإضرار بالمتعاقد معها.
ب- تمكين المتعاقد من تنفيذ التزاماته ويتمثل في القيام ببعض الأعمال من أهمها تسليم موقع العمل المحدد بالعقد، خالياً من العوائق، وعدم وقف عملية التنفيذ، وتسلم المواد والأصناف المتفق عليها، والمبادرة بالأعمال المؤثرة في حسن سير تنفيذ الأعمال.
ج- الالتزام بمبدأ حسن النية ، ومعاونة المتعاقد على تنفيذ التزاماته، فلا تتمسك بحرفية نصوص العقد، أو تستند إلى سلطات لتحقيق مصالحها دون مراعاة مصالح المتعاقد معها، وما يحيط بعملية التنفيذ من ظروف وملابسات، ويظهر التزام الإدارة بمعاونة المتعاقد معها عندما يحتاج المتعاقد إلى معاونتها أمام الجهات الإدارية الأخرى، فيما يتعلق بالتدخل لتسهيل الحصول على التصاريح اللازمة للعمل، أو استعمال أجهزة معينة أو دخول أماكن معينة.
د- تنفيذ العقد بأكمله ، فلا تستطيع التحلل من العقد بزيادة الأعمال، أو إنقاصها عن النسبة المحددة نظاماً، أو إنهاء العقد لمجرد التحرر من الالتزامات، أو تقوم بمخالفة الشروط والمواصفات التي لها مساس بحقوق المتعاقد معها الرئيسية.
هـ- احترام المدد المقررة بالعقد سواء كانت المدة الكلية لتنفيذ العقد، أو المدد الجزئية لتنفيذ بعض الأعمال، أو تسليم المواد أو الأصناف أو التصاريح أو مدد تسليم المواقع أو الضمان أو تسليم المقابل المالي احترامها وفقاً لما نص عليه العقد أو ما يقرره العرف، أو ما يتفق وقواعد العدالة.
و- تسليم المقابل المالي ، وهو من أعظم الالتزامات الناشئة عن العقد لما له من أثر عظيم على إبرام العقد وتنفيذه، وتعويض المتعاقد عن آثار تأخير تسليم المقابل المالي إن ترتب عليه إضرار به.

      الفرع 2 :تتمثل حقوق الإدارة

المتعاقدة الناشئة عن العقد في ثلاثة حقوق: الرقابة والإشراف. تعديل العقد. توقيع الجزاءات.
حق الرقابة والإشراف وهو الذي يمكن الإدارة من التأكد من أن المتعاقد معها يقوم بتنفيذ العقد وفقاً لما تم الاتفاق عليه، وتوجيهه للتنفيذ بأنسب الطرق.
حق تعديل العقد بما يحقق المصلحة العامة وفقاً للنسب المحددة في العقد والنظام، مع قصر ها الحق على الشروط العقدية المتصلة بالمرفق العام، مع لزوم مراعاة مبدأ المشروعية.
حق الإدارة في توقيع الجزاءات مباشرة على المتعاقد معها دون اللجوء إلى القضاء، فهو وسيلة لتطبيق أحكام العقد المتعلقة بالجزاءات غير الجنائية التي تقع على المتعاقد إذا أخل بالتزاماته.
حق الإدارة في إلغاء العقد الإداري بإرادتها المنفردة دون خطأ من المتعاقد معها حق ثابت، ولو لم ينص عليه، وإن خالف في ذلك البعض، ويشترط له أن يكون بقصد تحقيق المصلحة العامة، كزوال الغرض الذي أبرم العقد من أجل تحقيقه، أو إعادة تنظيم المرفق العام بما يتلاءم مع التطورات العلمية الحديثة .. أما الأسباب العقدية والدينية والشخصية والمهنية والنقابية فلا يجوز أن تكون سبباً لإلغاء العقد. كما يشترط أن يراعى مبدأ المشروعية عند إلغاء العقد.


المبحث الثاني : مدى أثر العقد أو : القوة الملزمة للعقد من حيث الموضوع:

- للعقد ( في حدود موضوعيه ) قوة ملزمة تساوي قوة القانون ، فيجب على كل عاقد تنفيذ الالتزامات التي ترتبت في ذمته بمقتضاه ، و إلا كان مسؤولا عن عدم تنفيذها فيتعين ، من ثم تحديد موضوع العقد أو مضمونه لنرى إلى أي حد يلتزم العاقدين بهذا المضمون و يتعين الجزاء الذي يترتب على إخلال أحد العاقدين بتنفيذ ما التزم به وفقا له.
- و قد يقتضي تعيين مضمون العقد تفسيره.

ا لمطلب الأول : تفسير العقد

- إن تفسير العقد يعني شرح و معنى نطاق العبارات الواردة فيه ، أن مهمة تفسير العقود
( عند اختلاف الأطراف المتعاقدين ) ، تعود إلى السلطة القضائية .
- و يتولى القاضي تفسير العقد ليصل إلى تحديد الالتزامات التي أنشأها عن طريق الكشف عن إرادة العاقدين و تطبيق نصوص القانون ، و يتعين على القاضي الذي عرض عليه النزاع بين العاقدين أن يبحث على الإرادة المشتركة للعاقدين للفصل في النزاع.
-فإذا كانت عبارات العقد واضحة : يكون تفسيرها يسيرا إلى حد يمكن القول معه بأنه يمر غير ملحوظ ، بحيث لا يكون على القاضي سوى تطبيقه ، و أخذ العاقدين بحكمه.
- أما إذا كانت عبارات العقد غير واضحة : تعين على القاضي تفسيرها عن طريق الكشف عن الإرادة المشتركة للعاقدين.
- فإذا قام لدى القاضي ، شك في التعرف على هذه الإرادة المشتركة ، فسر الشك لمصلحة المدين في غير عقود الإذعان – أين ( حسب المادة 112 يفسر الشك فيها لمصلحة المذعن ).(13)
- و على هذا يكون لتفسير العقد ، حالات ثلاث :
1- حالة العبارات الواضحــــــــــــة : وحول الدعاوى التي تتعلق بمنازعات قضائية نشأت عن عقود إدارية بين جهات عامة مع خاصة، ولماذا لا تستطيع الإدارات المتعاقدة حل الخلافات بينها وبين المتعهدين دون اللجوء إلى القضاء أوضح سنان: إن تفسير العقد الإداري من حيث حقوق والتزامات الإدارة، وأيضاً حقوق والتزامات المتعهد والناشئة جميعها عن العقد والشروط الحقوقية والفنية.

فالسؤال الذي يطرح نفسه قبل الإجابة عن هذا السؤال هو الآتي: ما أهم المبادئ الواجب تطبيقها لتفسير العقد الإداري؟ يمكن لي أن أضع ملخصاً لأهم مبادئ تفسير العقد الإداري بالآتي: لا مجال لتأويل عبارات العقد فيما إذا كانت واضحة– وصريحة– أو صرفها عن معناها الظاهر أو الانحراف عنها بغرض الوصول إلى النية المشتركة للمتعاقدين.
ولكن إذا كانت العبارة غير واضحة– فيجب تقصي النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، ويستهدى في ذلك بطبيعة التعامل وما ينبغي توافره من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري في المعاملات– وهذا ما أخذ به مجلس الدولة في فرنسا والمحكمة الإدارية العليا في سورية ومصر، فقد تكون العبارة واضحة ولكن الظروف تدل على أن المتعاقدين أساؤوا استعمال التعبير الواضح فقصدوا معنى وعبروا عنه بلفظ لا يستقيم له هذا المعنى بل هو واضح في معنى آخر ما يستدعي بالإدارة إلى المعنى الذي قصد إليه المتعاقدون، دون أن يرمي ذلك بالمسخ والتشويه، فالعبرة التعرف على النية المشتركة للمتعاقدين عن طريق معايير موضوعية تمكن من الكشف عنها، ولابد من الاستعانة بمرفقات ومستندات العقد
العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني(14) .
2
- والأصل في الكلام الحقيقة فلا يجوز حمل اللفظ على المجاز إلا إذا تعذر حمله علىمعناه الحقيقي .

2- حالة العبارات الغير واضحـــــة:   عندما تكون عبارات العقد ليست واضحة , علي القاضي ان يفسر العقد من خلال البحث عن الارادة الحقيقية للمتعاقدين من جميع مضامينها دون ادخار جهد في ذلك (15), ولا شك في ان خير وسيلة للتعرف عن قصد المتعاقدين الاعتماد علي الافعال التي صدرت منهم لانها تنمو عن قصدهم الحقيقي , الي انه يجب احتراز من ان يكون المتعاقدان او احدهما اخطأ في فهم ما حصل الاتفاق عليه فتصدر منهما افعال بناءا علي هذا الخطأ تتنافي مع ما قصده وقت التعاقد. ويستهدي القضاء في تفسير العقد بعوامل من داخل العقد وعوامل اخري من خارجه
فمن عوامل التفسير الناشئة من داخل العقد علي سبيل المثال : طبيعة التعامل وما ينبغي ان يتوفر من امانة وثقة قائمين علي حسن النية بين المتعاقدين فعلي كل من الادارة والشخص المتعاقد معها الا يشعر بأنه ندا للاخر بل ان كلاهما متعاون مع الاخر في سبيل تحقيق المنفعة العامة كاثر ينتج عن العقد الاداري
ومنها ايضا تحمل عبارات العقد اكثر من معني واحد ففي هذه الحالة تحمل الي العبارة الاقرب من طبيعة العقد
( اعمال الكلام اولي من اهماله , لكن اذا تعذر اعمال الكلام يهمل)
اما عوامل التفسير التي تكون من خارج العقد
فمنها ما يرجع الي العرف , حيث يفسر العقد وفق ما يقتضيه العرف الجاري التعامل فيه , وذلك لان ليس من المعقول الا يعلم المتعاقدان بذلك العرف لان القاعدة العامة تقضي بان ( المعروف عرفا كالمشروط شرطا, وان التعين بالعرف كالتعين بالنص )
3- حالة قيام شك في تبين الإرادة المشتركة للعاقدين.
حسب المادة (     ) من ق م ج ( يفسر الشك في مصلحة المدين او المدعن)
لان الاصل براءة الذمة اما الالتزام فهو استثناء , وذلك قياسا علي مبدأ _ براءة المتهم حتي تثبت ادانته _ وقاعدة الشك بفسر لمصلحة المتهم , المعروفتين في القانون الجنائي
ان الالتزام يملي شروط الدائن لا المدين فان كانت الشروط غير واضحة فالخطأ يكون علي الدائن لذا فيجب ان يفسر الالتزام لمصلحة المدين
واستثناءا في عقود الادعان يفسر الشك لمصلحة المذعن مدينا كان ام دائنا ,فحينما يتضمن شروطا تعسفية يجوز للمحكمة ان تعدل هذه الشروط او تعفي الطرف المدعن منها وذلك وفقا لما تقتضيه العدالة ويقع باطلا كل اتفاق علي خلاف ذلك
كما ان الادارة لا تعتبر الطرف المدعن لكونها لا تسعي الي تحقيق الارباح بل الي المنفعة العامة اضف الي ذلك ان غالبية   شروط الاذعان انما توضع لمصلحة الموجب في حين لا تكون الامتيازات المقررة للادارة غاية في ذاتها وانما لتحقيق المصلحة العامة

المطلب الثاني : تحديد نطاق العقد بعد أن يفسر القاضي بنود العقد للكشف عن النية المشتركة للعاقدين ، ينتقل إلى تحديد النطاق (أو أثار ) العقد ، غير مكتف ، في هذا التحديد ،

بما ورد فيه وفقا لتلك النية المشتركة ، بل يجاوزه إلى ما يعتبر من ” مستلزماته ” طبقا للقانون و العرف و العدالة و هذا حسب المادة 107 من القانون المدني التي تنص ” يجب تنفيذ العقد طبقا لما أشتمل عليه و بحسن نية “.
و لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب ، بل يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون و العرف و العدالة ، بحسب طبيعة الالتزام.

غير أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها و ترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي ، و أن لم يصبح مستحيلا ، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فإذا جاز للقاضي تبعا للظروف و بعد مراعاة لمصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، و يقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك .

المطلب الثالث : مدى التزام العاقدين بتنفيذ العقد حسب المادة 106من القانون المدني تنص أن ” العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ، و لاتعديله إلا باتفاق الطرفين ، أو للأسباب التي يقررها القانون “.

- و تطبيقا للفقرة 1 للمادة107 “… يجب تنفيذ العقد لما أشتمل عليه و بحسن نية…”
- ( نلاحظ أن مبدأ حسن النية و مبدأ ” العقد : شريعة المتعاقدين ” من المبادىء الأساسية التي بنيا عليها تشريع العقد ).
- لكن المشرع أورد إستثناءين على هذا المبدأ العام ، تقرر فيهما للمحكمة سلطة تعديل العقد :
1- أولهما يتعلق بعقود اللاذعان ( المادة 110 ) و الشروط التعسفية .
2- و ثانيهما تقضي به نظرية الظروف الطارئة ( المادة107 -3 ) .
الفرع الثاني : جزاء الإخلال بالعقد
- إذا نشأ العقد صحيحا ، يكون واجب التنفيذ ، بحيث يتعين على المدين أن ينفذ الالتزامات الناشئة عنه على الوجه المتفق عليه فيه ، و إلا كان للدائن أن يسأل المدين عن عدم تنفيذها ، و تقوم مسؤولية هذا الأخير عنه ، ما لم يثبت رجوعه إلى سبب أجنبي لا بد له فيه ، فيحكم عليه بتعويض الضرر الذي لحق الدائن نتيجة له.
-فالمسؤولية العقدية هي جزاء الإخلال بتنفيذ التزام ناشئ عن العقد.
- لكنها ليست جزاءه الوحيد إذا كان العقد الذي ولده ملزما للجانبين ، بل يضاف إليها ( في نطاقه ) جزاءات أخرى : مثلا إذا أخل أحد العاقدين ، في عقد ملزم للجانبين ، بالتزاماته ، جاز للعاقد الآخر أن يطلب فسخ (16 ) العقد ، لتنحل الرابطة القانونية التي ولدها ، و يتخلص ، بانحلالها ، عن التزاماته . وفي العقد الاداري للادارة الصلاحيات في فسخ العقد دون ان انتضار حكم القاضي

- كما يجوز له أن رأى الأبناء ، رغم ذلك على العقد أن يكتفي بوقف تنفيذ التزاماته إلى أن يقوم العاقد الأخر بتنفيذ التزاماته ، بمقتضى الدفع بعدم التنفيذ الذي تقرر له إلى جانب الفسخ

نهاية العقود الإدارية

تنتهي العقود الإدارية بالطرق الطبيعية لانتهاء العقود في ظل القانون الخاص، أما بتنفيذ الالتزامات الناشئة عنها، أو بانقضاء مدتها وقد تنتهي العقود الإدارية نهاية طبيعية أو مبتسرة قبل أجلها الطبيعي .
وسنتناول في هذا الفصل هاتين الطريقتين لانتهاء العقود الإدارية في مبحثين ، نخصص الأول للبحث في انقضاء العقود الإدارية بالطريق العادي، ونبين في المبحث الثاني حالات الانقضاء المبتسر
.

المطلب الأول :الانقضاء العادي للعقد الإداري

ينقضي العقد الإداري مثلما هو الحال في عقود القانون الخاص بتنفيذ موضوعه أو بانتهاء المدة المحددة له :
أولاً – انقضاء العقد بتنفيذ الالتزامات المترتبة على طرفيه تنفيذاً كاملاً :
يينقضي عقد الأشغال العامة بتنفيذ تلك الأشغال واستلام المتعاقد الثمن، كذلك ينتهي عقد التوريد بإتمام تسليم البضائع محل التوريد واستلام المتعاقد الثمن من الإدارة
 .
ثانياً : انقضاء العقد الإداري بانتهاء المدة المحددة له :
متى كان العقد محدد المدة فإن انتهاء هذه المدة يستتبع انتهاء العقد، مثلما هو الحال في عقود الالتزام. وهذه هي القاعدة بالنسبة للعقود فورية التنفيذ
اولا الاستلام المؤقت : يكون في عقود الاشغال العامة   عند اكتمال الاعمال بصورة اساسية وبشكل مرضي اجتازت بذلك أي فحص نهائي قد تنص عليه المقاولة نلخصها في مايلي:
1---يتم الاستلام المؤقت للمشروع بطلب تحريري من المقاول , يخضع لتقدير الادارة بواسطة المهندس المسؤول عن المشروع , الا ان ذلك التقدير ينتفي اذا ما استعملت الادارة الجزء المنجز من العمل دون تحفظ
اذن الاستلام المؤقت لللمشروع يكون حقا للادارة كذلك التسليم من جانب المقاول يعتبر حقا له ما دام العمل مكونا من اجزاء مميزة و الثمن محدد بالوحدة
2--- كما ان شهادة اكمال الاعمال لا تمنح للمقاول ما لم يقدم بذلك تعهدا خطيا الي المهندس باكمال الاعمال المتبقية خلال مدة الصيانة
3--- ان مدة الصيانة تبدأ من تاريخ منح شهادة اكمال الاعمال
4--- في حالة الاستلام الاولي لجزء من العمل بحيث يمكن الاستفادة منه للغرض الذي انشئ من اجله , يتم اطلاق مايتناسب وكلفة ذلك الجزء الذي صدرت بشأنه شهادة الاستلام من نصف الاستقطاعات النقدية التي تحتفظ بها الادارة بموجب العقد ( ) كما انه في حالة التسليم الجزئي للعمل من جانب الادارة فان مقدار الغرامات التأخيرية ان وجدت فيما بعد يجب ان يخفض بنسبة ما استلمته الادارة من وحدات العمل  .
ثانيا – الاستلام النهائي :  وهو الاجراء الذي تتملك به الادارة العملية موضوع الاشغال بصورة نهائية , وذلك بعد التأكد من ان المقاول قد   أوفي بالتزاماته جميعا علي الوجه الاكمل ’ ويكون التسليم بعد انتهاء مدة الصيانة فشهادة الصيانة تعتبر بمثابة مصادقة واعتراف بالوفاء المطلوب في المقاولة او أي قسم منها ويترتب عليه مايلي:
1ــــ انتقال الملكية وتحمل تبعة الهلاك طبقا للقواعد المقرر في العقود
2ــــ انقضاء التزام المقاول بالصيانة , مع بقاء حق الادارة   في واجب الزامه تنفيذ اية التزامات ترتبت عليه قبل اصدار شهادة الصيانة
3ــــ انتهاء مسؤولية الادارة من أي تعويض لم يطالب به المتعاقد قبل هذه الفترة ( )   كما تنتهي مسؤولية المقاول عما يكون ظاهر ا في العمل من عيب ما لم يكن من العيوب الخفية التي لم تلحضها الادارة وقت التسليم   فلها اخبار المقاول بالعيب بمجرد اكتشافه لكي يقوم باصلاحه اما السكوت فهو علامة للرضي من جانبها
5ــــ اطلاق التأمينات النهائية او الكفالة المصرفية المصدقة وتسديد الحساب النهائي للمقاول

المطلــــب الثاني  : الانقضاء المبتسر للعقد الإداري

بالإضافة إلى الانقضاء العادي للعقد الإداري، من الجائز أن ينقضي العقد نهاية مبتسرة قبل أوانه في حالات معينة

أولاً: الفسخ باتفاق الطرفين :

قد يتفق المتعاقد مع جهة الإدارة على إنهاء العقد قبل مدته أو أتمام تنفيذه، ويكون الإنهاء في هذه الحالة اتفاقنا يستند إلى رضا الطرفين وتطبق على الفسخ هذا أحكام الإقالة في عقود القانون الخاص .
وقد يكون إنهاء العقد بهذه الطريقة مصحوبا بالتعويض عما فات المتعاقد من كسب نتيجة لإنهاء العقد قبل أوانه،إذا ما اتفق المتعاقدان على ذلك
.

ثانياً : الفسخ بقوة القانون :

ينقضي العقد بقوة القانون في حالات معينة تطبيقاً للقواعد العامة ومنها :
1- هلاك محل العقد: ينقضي العقد بقوة في حالة هلاك محله، إلا أنه يجب التمييز بين ما إذا كان الهلاك بسبب خارج عن إرادة الطرفين وبين ما إذا كان الهلاك بسبب راجع للإدارة ففي الحالة الأولى ينقضي العقد دون أن يتحمل أي من الطرفين تعويضاً بسبب الإنهاء .
أما في حالة الثانية فإن الإدارة تعوض المتعاقد عن هذا الإنهاء المبتسر الذي تسببت فيه للعقد، إلا إذا كان هلاك محل التعاقد تنفيذاً لإجراء عام كهدم دور آيلة للسقوط كان المتعاقد ملتزماً بصيانتها، إذا توافرت شروط نظرية عمل الأمير .
2- إذا تحققت شروط معينة منصوص عليها في العقد ويتم الاتفاق على أن العقد يعد مفسوخاً من تلقاء نفسه في حالة تحققها فينقضي العقد اعتباراً من هذا التاريخ .
3- إذا تحققت أسباب معينة منصوص عليها في القوانيين واللوائح فعندئذ يتم أنفساخ العقد من تاريخ تحققها
.

ثالثاً: الفسخ القضائي :

قد يتقرر فسخ العقد الإداري بحكم قضائي بناء على طلب الإدارة أو المتعاقد معها في حالات معينة .
أ- الفسخ القضائي بسبب القوة القاهرة :
تؤدي القوة القاهرة إلى إعفاء المتعاقد من تنفيذ التزاماته إذا ما ثبت أن تحققها بسبب أجنبي لا دخل فيه ولم يكن في وسعه توقعه .
ويتبين من نص هاتين المادتين أنه إذا ما تحققت القوة القاهرة فإن العقد يعد مفسوخا من تلقاء نفسه ولا تستطيع الإدارة أن ترغم المتعاقد على التنفيذ،وإذا التجأ المتعاقد إلى القضاء للحصول على حكم بأن استحالة التنفيذ ترجع إلى سبب أجنبي فأن الحكم في هذه الحالة يقرر الفسخ ولا ينشئه

ومع ذلك فقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي معززاً رأيه ببعض أحكام مجلس الدولة إلى أنه يتعين على المتعاقد أن يلجأ إلى القضاء للحصول على حكم بانفساخ العقد للقوة القاهرة في حين تستطيع الإدارة إنهاء العقد بقرار منها استناداً منها إلى القوة القاهرة ويكون الفسخ هنا فسخاً إدارياً .((
الفسخ القضائي كجزاء للإخلال بالالتزامات العقدية :
أن حق الفسخ بحكم قضائي بناء على طلب الإدارة أو المتعاقد، لإخلال الطرف الآخر بتنفيذ التزاماته مضمون للطرفين ما دامت الإدارة تملك حق فسخ العقد بقرار إداري استناداً إلى خطأ المتعاقد في تنفيذ التزاماته العقدية، فلا تلجأ إلى القضاء لتقرير الفسخ إلا لكي تضمن عدم رجوع المتعاقد عليها بالتعويض إذا تبين أن قرارها بالفسخ مشوباً بالتعسف .
باستثناء حالة طلب إسقاط الالتزام في فرنسا، إذ أن القضاء الفرنسي مستقر على أنه لا يجوز أن يتم الفسخ إلا بحكم قضائي .
أما بالنسبة للمتعاقد فلا بد له من اللجوء إلى القضاء للحصول على حكم بفسخ العقد إذا أخلت الإدارة بالتزاماتها إخلالاً جسمياً، وإذا حكم القضاء بذلك فأن آثار الفسخ ترتد إلى يوم رفع الدعوى .
3- الفسخ في مقابل حق الإدارة في تعديل العقد :
تملك الإدارة كما بيناً سلطة تغيير شروط العقد وإضافة شروط جديدة بما يتراءى لها أنه أكثر اتفاقاً مع الصالح العام ، ويملك المتعاقد في مقابل هذا الحق المطالبة بالتعويض(17)

وإذا وجد المتعاقد أن التعويض غير كاف لمواجهة الظروف التي أوجدها التعديل، وأن التعديل تجاوز إمكانياته المالية وقدراته الفنية وتسبب في قلب اقتصاديات العقد. فإن للمتعاقد الحق في المطالبة بفسخ العقد قضاء مع التعويض، لإن مرجع الفسخ في هذه الحالة هو تصـرف الإدارة دائماً

   رابعاً : الفسخ عن طريق الإدارة  

تملك الإدارة في بعض الحالات التي ينص عليها في العقد أو في دفاتر الشوط العامة أو لائحة العقود الإدارية أن تفسخ عقودها الإدارية، دون الحاجة إلى اللجوء إلى القضاء .
كذلك إذا كان العقد مبرماً مع أكثر من متعاقد وتوفي أحد هؤلاء المتعاقدين فتملك الإدارة الخيار بين إنهاء العقد مع رد التأمين وبين تكليف باقي المتعاقدين بالاستمرار في تنفيذ
ويتم إنهاء العقد في هاتين الحالتين بخطاب مسجل دون الحاجة إلى الالتجاء إلى القضاء أو اتخاذ أي إجراءات أخرى .
ومن جانب أخر للإدارة أن تنهي عقودها الإدارية دون الحاجة لنص في قانون أو الائحة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك دون وقوع خطأ من جانب التعاقد، مع تعويضه عن ذلك عند الاقتضاء
.

1_الخــــاتمــــة:

اذن وممـا سـبق نلاحـظ انـه اثـار العـقد الاداري تـتـفق مـع مـا يقــابلها في القـانـــون المـدني من حيـث اسـتسـقاء الـمـواد المـعمــول بـــها فـنـجد انـها لاتـخالـفها الــمضـمون ,,,بـــل ان الـعــــقد الاداري هو مـن يـــتعتداها الي بـعض الجــوانبـــــــ   كـشروط الــتـنــضيمية التـــي تــحتويـها عقـــود التـــزام في المـــرافق الـــعامــــة وايـــضا مـــن حيـــث   طبـــيـــعة الاهـــداف الـــمحـــقـــق فـــالادارة   دائــما تـــســعي لاشبــــاع الرغبـــات الـــعامـــة لـصـــالح الافــراد مــما يخـــولها القــانون الـــكثـير من الـــصلاحيـات فــــي مــواجــهة الـــغيــر وذلك ضــمـانـا لـــتـــحقـيــق اهـــــــــــــدافها المـــنــشــودة ويــعــطـيها صفـــة الســـلطــة والســـيادة والاولــــويــــة فـــي عقـــودها مـــع الافــــراد فــي أيـــــــطار محـــدود قـــانـــونــيا والزمهــــا فـــي الـــمقـــابل فـــيــما يـــتـــعلـــق بـــحـــــقوق الغــــير اتــــجاه الـــعقـود الـــــــــتي تــــــــــــبرمها مــــثلما اعـــطاها امـــتيــــازات شــتي تــــستـفيــد بــموجـبــها بـحـــق الاولويــــــــة والافضليــــــــــــة.